تسجيل 50 حالة سنويا في السلطنة
سرطان عنق الرحم ثاني اكثر السرطانات شيوعا بين النساء
موزه الكلبانية لـ"الوطن" : من المهم لكل امرأة متزوجة عمرها 25 ـ 64 سنة إجراء الفحص بشكل دوري كل 3 سنوات
مراحل العلاج 4 ونسبة النجاح في المرحلة الاولى 97% والرابعه 22% فقط
كتب ـ سهيل بن ناصر النهدي:يعتبر سرطان عنق الرحم ثاني أكبر سرطان شيوعا بين النساء في اغلب الدول النامية ففي عام 2009م،سجلت الإحصائيات الأميركية إصابة 11،270 حالة جديدة و4070 حالة وفاة،ويبلغ متوسط عمر النساء المصابات بسرطان عنق الرحم 47 سنة من العمر واصغر سن هو 18 سنة واكبر امراة مصابة كان عمرها 88 سنة.
وفي حوار مع الدكتورة موزة بنت عبدالله الكلبانية استشاري أمراض النساء وجراحة الأورام السرطانية في مستشفى جامعة السلطان قابوس والتي تعد الطبيبة العمانية الوحيدة حاليا في اختصاص جراحة الاورام السرطانية في امراض النساء،ونالت على زمالة الكلية الملكية البريطانية في أمراض النساء والولادة في لندن وحاصلة كذلك على شهادة الكلية الملكية البريطانية في اختصاص جراحة الاورام السرطانية وجراحة المناظير في أمراض النساء.
وعن سرطان عنق الرحم قالت:إن السلطنة تسجل سنويا ما يقارب من 50 حالة سرطان عنق الرحم،لكن الدكتورة موزة تعتقد بأن هذا العدد اقل من العدد الحقيقي للحالات،مشيرة إلى ان هناك كثير من المصابات بحالات أورام عنق الرحم يفضلن الذهاب للعلاج بالخارج وخصوصا بعض الدول الاسيوية كذلك هناك حالات أخرى لا يتم تسجيلها وأخرى لا يتم تشخيصها.
ونصحت الدكتورة موزة الكلبانية جميع المصابات بهذا المرض عدم التوجه للعلاج بالخارج،مؤكدة بان مستشفى جامعة السلطان قابوس قادر على علاج المصابات في المراحل المبكرة عن طريق جراحة المناظير وقالت:إن العلاج بحاجة الى متابعة دائمة واذا كان الشخص في بلده فانه يستطيع دائما ان يراجع الطبيب وفي اي وقت.
وبينت الدكتورة موزة الكلبانية:ان سرطان عنق الرحم من السرطانات القليلة التي لا يعرف لها سبب واضح من الممكن تفاديه،إذ تنتج الإصابة به عن انواع معينة من فيروس شائع يسمى الورم الحليمي البشري Human Papilloma Virus HPV ،وقالت:هناك أكثر من 100 نوع او صنف جيني من فيروس الورم الحليمي البشري تم تحديدها على اساس تسلسل متخالف للحمض النووي(DNA)،وهناك مجموعة محددة تسمى فيروس الورم الحليمي البشري التناسلي العالية الخطورة خصوصا (16و18 و31 و45) وفيروسي رقم 16 و18 يعتبران المسببان الرئيسيان للاصابة بسرطان عنق الرحم في اكثر من 97% من الحالات،وفيروس الورم الحليمي البشري التناسلي شائع الانتشار ويقدر نحو 75% من النساء الغربيات يتعرضن للعدوى من واحد او اكثر من انواع فيروس الورم الحليمي البشري التناسلي خلال حياتهن.
وعن كيفية حدوث سرطان عنق الرحم اوضحت موزة الكلبانية بأن سرطان عنق الرحم يحدث عندما تبدأ خلايا عنق الرحم في التغيير من طبيعتها ووظيفتها نتيجة تدمير هذه الخلايا وتعثر نموها بشكل غير متحكم فيه ، وعندما تبدأ هذه التغيرات السرطانية تكون محدودة في الطبقة الخارجية من عنق الرحم لمدة تتراوح بين 2 ـ 10 سنوات قبل ان تبدأ في مهاجمة الطبقة العميقة من عنق الرحم .
وقالت موزه الكلبانية من الواجب التنويه هنا ان سرطان عنق الرحم يعتبر المرحلة النهائية لمجموعة من التغيرات الخلوية المعقدة التي تحدث في خلايا عنق الرحم والتي من الممكن ان تستمر لسنوات عديدة وبدون اي اعراض وهذه هي المرحلة التي تسمى مرحلة ما قبل السرطان والتي من المفروض ان يتم التشخيص خلالها،لانه من الممكن اكتشاف هذه التغيرات الخلوية مبكرا وعلاجها قبل ان تتطور الى مرحلة السرطان.
وأوضحت ان هذا شيئ فريد في حالة سرطان عنق الرحم وهو وجود مرحلة ما قبل السرطان ولاعطاء الفرصة للعلاج المبكر والتدخل الجراحي في الوقت المناسب وقالت:ان مرحلة ما قبل السرطان لا توجد في حالات سرطان الرحم والمبيض مما يجعل التشخيص أصعب.
وتحدثت الدكتورة موزة الكلبانية عن اهم العوامل التي تؤدي الى تدمير خلايا عنق الرحم وهي الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV) وتعدد العلاقات الجنسية غير الشرعية والتدخين والإصابة بفيروس الايدز.
وعن كيفية تشخيص سرطان عنق الرحم وسبل الوقاية منه قالت تعتبر مسحة عنق الرحم (Pap Smear) من انجح اختبارات الفحص الدوري Screening في تاريخ الطب ، وبفضل انتشار الفحص الدوري لعنق الرحم في الدول الغربية فان نسبة سرطان عنق الرحم تضاءلت كثيرا في السنوات الماضية.
وقالت يجب اجراء الفحص الدوري لعنق الرحم من قبل الطبيب المختص لاكتشاف اي تغيير خلوي غير طبيعي ومعالجته اذا دعت الحاجة،وبينت ان هذا الفحص يتم باخذ مسحة خاصة من عنق الرحم في العيادة الخارجية بدون الحاجة الى التخدير،ومن المهم لكل امراة متزوجة عمرها 25 ـ 64 سنة ان تجري هذا الفحص بشكل دوري كل 3 سنوات اما في حالة المراة التي يتجاوز عمرها 65 سنة فما فوق ولم تجري هذا الفحص اطلاقا طوال حياتها فيجب ان تقوم باجراء الفحص مرة واحده على الاقل.
أما النساء اللاتي اجريت عليهن عملية استئصال الرحم وعنق الرحم فلا تحتاج الى هذا الفحص شرط ان يكون الفحص النسيجي للرحم وعنق الرحم عند الاستئصال لم يثبت وجود شيئ غير طبيعي.
وأضافت الدكتورة موزة الكلبانية:ان هذه التغيرات الخلوية في عنق الرحم غالبا لا تعطي اي اعراض اطلاقا ولكن من حسن الحظ انه يمكن تشخيصها وعلاجها في مراحل مبكرة جدا قبل ان يتحول الى خلايا سرطانية،وأوضحت ان هذه التغيرات الخلوية تكون على مراحل ثلاث تسمى المرحلة الأولىCIN1 والمرحلة الثانية CIN2 والمرحلة الثالثة CIN3.
واضافت:ان الإحصائيات تدل ان احتمال الاصابة بهذه التغييرات الخلوية CIN اكثر من احتمال الاصابة بالسرطان لذلك فان التشخيص المبكر هو الحل الوحيد للوقاية من سرطان عنق الرحم.
وأوضحت انه عند اكتشاف هذه التغييرات الخلوية عن طريق مسحة عنق الرحم وبعد تأكيد التشخيص باخذ عينة من عنق الرحم خلال فحص آخر يسمى منظار عنق الرحم Colposcopy هناك ثلاثة احتمالات وهي أولا:ان تختفي هذه التغييرات الخلوية ويعود عنق الرحم الى حالته الاعتيادية ويكون اختفاءها اما تلقائيا او باستئصال هذه الخلايا،ثانيا:ان تبقى هذه التغييرات الخلوية في المرحلة الاولى CIN1بدون ان تسبب اي مشاكل للمرأة،ثالثا:في بعض الحالات قد تسوء الحالة وتتحول تدريجيا الى سرطان.
وتحدثت عن اختبار فيروس الورم الحليمي (HPV Test) وقالت اضيف مؤخرا الى الفحص الدوري لعنق الرحم في كثير من الدول الغربية طريقة للكشف عن DNA لانواع الفيروسات المعينة عالية الخطورة اهمها (16و 18) وهذا الاختبار يسمى الامساك الهجين (Hybrid Capture) ليستعمل كبديل او مصاحب لمسحة عنق الرحم.
وتواصل الدكتورة موزة حديثها عن طرق الوقاية والتشخيص وقالت اظهرت الدراسات ان تجنب النساء عادة التدخين تقلل من مخاطر تكون سرطان عنق الرحم اضافة الى استعمال الواقي الذكري اثناء الممارسة الجنسية يقلل من اصابة النساء بفيروس HPV والتقليل من استعمال حبوب منع الحمل لفترات طويلة بدون الفحص الدوري.
وتحدث عن اللقاح وقالت:في عام 2006 وافقت ادراة الاغذية والعقاقير الاميريكة (FDA) على عقار جاراداسيل (Gardasil) كلقاح للفيروس الحليمي وكواقي من هذا الفيروس،مشيرة إلى ان هناك العديد من الدراسات اجريت على نساء بمتوسط عمر 23 سنة واظهرت حماية الاصابة بالعدوى المبدئية لانواع (16و18).
* أعراض سرطان عنق الرحم
وتحدثت الدكتورة موزة بنت عبدالله الكلبانية عن اعراض سرطان عنق الرحم وقالت:كما ذكرنا سابقا ان التغييرات الخلوية CINما قبل السرطان ليس لها اعراض معينة ولكن اذا تطورت الحالة الى سرطان فان الاعراض المصاحبة تكون نزيف مهبلي غير منتظم و نزيف دموي بعد الاتصال الجنسي وافرازات مهبلية قد تكون ليس لها لون او مصحوبة بالدم ولكن مثل هذه الاعراض لا تدل على وجود سرطان عنق الرحم في حد ذاتها بل معظم الاوقات تكون اعراض لامراض واضطرابات أخرى.
* التشخيص والعلاج
وحول التشخيص والعلاج لسرطان عنق الرحم قالت يتم تشخيص سرطان عنق الرحم عن طريق مسحة عنق الرحم او الفحص المهبلي ورؤية الورم اذا كان في مراحل متاخرة واخذ العينة المخبرية للتاكد الدقيق للتشخيص ومن ثم يتم اجراء الاشعة المقطعية CT scan واشعة الرنين المغناطيسي MRI وذلك لمعرفة حجم الورم ونسبة انتشاره للانسجة المجاورة والغدد اللمفاوية ومن ثم يجتمع الفريق الطبي المكون من جراح الاورام السرطانية في امراض النساء واخصائي الاشعاعي او الكيماوي واخصائي الاشعة واخصائي الأنسجة،ويقوم هذا الفريق بدراسة كل نتائج الفحوصات ويكون قرار العلاج للورم وذلك اعتمادا على حجم الورم ومرحلته وحالة المريض الصحية وعادة يكون العلاج بالجراحة في المرحلة الاولى للمرض وباستئصال الرحم وعنق الرحم والانسجة المجاروة والقسم الاعلى من المهبل وكذلك ازالة الغدد اللمفاوية في الحوض،وهذه العملية طبعا عملية كبيرة ودقيقة وتحتاج الى مختص في جراحة الاورام لاجراء هذا النوع من العمليات.
وبينت الدكتورة موزه الكلبانية ان هناك نوعا من العمليات الجراحية تجرى خصيصا للنساء في سن الانجاب اللاتي يرغبن في الحمل وهذه العمليات تجرى في المرحلة المبكرة جدا وفيها يتم استئصال الورم فقط ويراعى ترك الرحم لحين ما تكون المراة مستعدة لاستئصال الرحم بعد ان تكون قد سنحت لها الفرصة للانجاب ،وفي المرحلة الثانية يكون العلاج بالجراحة والاشعاع اما في الحالات المتاخره فيكون العلاج الانسب هو العلاج الاشعاعي والكيماوي،وبعد العلاج المبدئي يتم متابعة المريضة بشكل دوري مدى الحياة للتاكد من عدم عودة الخلايا السرطانية وذلك عن طريق الفحص المهبلي والاشعة المقطعية او اشعة الرنين المغناطيسي.
وتحدثت الدكتورة موزة الكلبانية عن مراحل سرطان عنق الرحم وهي الاولى: السرطان موجود في عنق الرحم فقط،المرحلة الثانية:السرطان انتشر من عنق الرحم الى الرحم،المرحلة الثالثة:السرطان انتشر إلى جدار الحوض والمهبل، المرحلة الرابعة:السرطان انتشر خارج الحوض الى المثانة او المستقيم .
* نسب النجاح
وعن نسب النجاح للعلاج بالمراحل الاربع ونسبة نجاح العلاج بعد 5 سنوات حسب الاحصائيات العالمية قالت في المرحلة الاولى تكون نسبة نجاح العلاج من 75 الى 97% وفي المرحلة الثانية من 65 الى 73% ،وفي المرحلة الثالثة من 39 الى 41% ، اما في المرحلة الرابعة فتكون نسبة النجاح 22% فقط .
واعربت الدكتورة موزة الكلبانية في ختام حديثها عن امنيتها بان تجرى جراحة اورام عنق الرحم والرحم والمبيض في المستشفيات المرجعية بالسلطنة وبأيادي اطباء متخصصين والذين خضعوا لتدريب عال في هذا المجال يمكنهم من القيام بهذه الجراحات الدقيقة،كما تمنت ان يكون هناك حدا لقيام الاطباء من ذوي الاختصاصات العامة من القيام بهذه العمليات لان الدراسات اثبتت ان عمليات استئصال الاورام تصل نسبة نجاحها 100% في المراحل الاولى اذا اجريت بايدي اخصائيي الاورام السرطانية.
ونصحت الدكتورة موزه الكلبانية استشاري امراض النساء وجراحة الاورام السرطانية في مستشفى جامعة السلطان قابوس جميع النساء العمانيات والمقيمات بالسلطنة اجراء الفحص الدوري لعنق الرحم والتوجه الى اقرب مستشفى في حالة حدوث اي اعراض مهبلية غير مستحبة.
وأكدت ان الطب الحديث تقدم واصبح بالامكان تشخيص سرطان عنق الرحم وعلاجه في مراحل مبكرة،وفي مستشفى جامعة السلطان قابوس يكون العلاج في المراحل الاولى بجراحة المنظار.
